المفتي دريان والاخوان كواشي
"ليبانون ديبايت"عندما قرر المخرج شربل خليل التعبير عما يجول في باله وينشر على مواقع التواصل الاجتماعي أفكاره، التي لا تتوافق مع أفكار الكثيرين مِن مَن اعتادوا على الخضوع إلى أفكارٍ قمعية متوارثة من جيلٍ إلى جيل، كان يدرك، ربما، أنّه سيتحوّل إلى مادة جدل لن تنتهي، لكنه لم يتوقّع أن يُصبح بشكل أو بآخر "مهدور الدّم".
قد يظن البعض للوهلة الأولى أن الرقابة التي تُمارس ضد العاملين في الحقل الإعلامي، مفروضة عليهم بفعل أنظمة وقوانيين تضيق بالحريات العامة، ومنها الحريات الإعلامية، غير أن للرقابة جوانب عدة، أبرزها واخطرها الرقابة الذاتية، التي تصبح سيفا مسلطا على رقاب العاملين في هذا الحقل، فيهدرون بذلك مهنيتهم، ويخونون في الوقت نفسه ضمائرهم.
ان ما قام به الاخوين كواشي من عملية قتل بدم بارد لستة من رسامي الكاريكاتور العاملين في صحيفة "شارلي ابدو" وما رافقها من شجب عالمي لم يكن لعدد الضحايا او لفظاعة الجريمة او لطريقة الانتقام البربرية بل لان القتلة ارادوا ان يزرعوا الخوف والرعب في نفوس الصحافيين والرسامين انفسهم ولدى عائلاتهم وزملائهم.
بعد هجوم "شارلي إيبدو"، سيعمل الرسامون الكاريكاتوريون من دون أن يغيب الهجوم عن بالهم، لا سيما متى تناولوا مواضيع مثيرة للجدل. ولا شك في أن أفضل من عبر عن هذا الخوف هو باتريك شابات من "نيويورك تايمز"، الذي وضع رسماً كاريكاتورياً في عنوان بعد "شارلي إيبدو"، يظهر فيه رسام كاريكاتوري جالس إلى مكتبه، وقد خطرت له فكرة تكسوها الدماء.
بالامس "شارلي ابدو" واليوم المخرج شربل خليل.. حيث طلب مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان من وزير العدل أشرف ريفي تحريك النيابة العامة بخصوص ما نشره خليل على صفحة "تويتر" الخاصة به حول ما يسمّى "جهاد النكاح"، والذي يثير النعرات الدينية والمذهبية ويقصد النيل من الوحدة الوطنية وتعكير الصفاء بين عناصر الأمة.
طلب مفتي الجمهورية لاقى اذان صاغية عند وزير العدل الذي حرك النيابة العامة، فمثل خليل اليوم امام القضاء بسبب "جريمته" في نشر صورة عن الممارسات الشاذة التي يقوم بها تنظيم "الدولة الاسلامية" تحت راية اسلامية، أكد وزير الداخلية نهاد المشنوق أنها لن تُرفعَ في مدينة طرابلس ومداخلها وهي التي ذُبحَ تحتَها عسكريون لبنانيون.
والخطير ان البعض ربط بين تحريك النيابة العامة ضد شربل وادعاء مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية على المطرب المعتزل فضل شاكر بـ"جرم إثارة النعرات الطائفية والمس بسمعة الجيش عبر الفيس بوك" قبل ايام وشتان ما بين فعل خليل وشاكر.
ان المفتي دريان خلط بين الاسلام وتنظيم "الدولة الاسلامية" وبالتأكيد ليس من ينتقد تنظيما ارهابيا يتغطى بالاسلام ويستغل تعاليمه وشاراته ورايته لتفيذ امور ابعد ما تكون عن الدين والانسانية هو ينتقد الاسلام.
بيروت ليست الموصل وطرابلس ليست الرقة، ولن نكون رعايا لداعش في لبنان ولن يمنعنا احد من انتقاد من يجب ان يتم انتقاده، حتى لو تغطى بكل الاديان والرايات.
Envoyé de mon Ipad
Aucun commentaire :
Enregistrer un commentaire