شرعة العمل السياسي
تواصلا مع مباديء وتوصيات السينودس من اجل لبنان، والمجمع البطريركي الماروني، ومؤتمرات البطاركة والاساقفة، والاجتماعات المسكونية في لبنان ، اعلنت اللجنة المشتركة لكنائس لبنان في5-3- 209 "شرعة العمل السياسي في ضوء تعليم الكنيسة وخصوصية لبنان" في مؤتمر عقد في قصر المؤتمرات في ضبيه ،حضره حشد كبير من المهتمين وشخصيات من كل الطوائف والاتجاهات.
وتتضمن الشرعة ثلاثة اقسام في خمسة فصول، تتحدث عن
- "السياسة فن شريف لخدمة الانسان والخير العام"،
- "العلاقة بين الكنيسة والدولة"
- "مشاركة المسيحي في الحياة السياسية"،
-"لبنان الوطن والخصوصية" و"لبنان الوطن والكيان"،
- "ميثاق العيش المشترك والصيغة"، و"انهاض لبنان والدولة المدنية الديموقراطية"،
- "معايير الانتخاب والمساءلة والمحاسبة".
بعد تناول "التمايز والتعاون بين الكنيسة والدولة"، تتحدث الشرعة عن المسيحيين والعمل السياسي:
"المادة 11، يجب على المسيحيين ان يشاركوا، كما غيرهم من اللبنانيين، في الحياة السياسية. هذا حق مرتبط بكرامة الشخص البشري، وغير قابل للمنع او الحد منه او الالغاء او الاختزال(...).
المادة 12: يشارك المسيحيون في الحياة العامة بحكم معموديتهم التي تشركهم في وظيفة المسيح الرب المثلثة: الوظيفة الكهنوتية التي تجعل من عملهم الزمني تسبيحا لله باكمال عمل الخالق، والوظيفة النبوية التي تدفعهم الى تجسيد جدّة الانجيل وبث روحه في حياتهم اليومية، العائلية والثقافية والاجتماعية، كخميرة في العجين وملح في الطعام؛ والوظيفة الملوكية التي تحملهم على السلوك في الحقيقة والمحبة والعدالة وحرية ابناء الله، وعلى نبذ الخطيئة وتحطيم قوى الشروالظلم".
المادة 13: ينبغي ان تتصف ممارسة المسيحيين للسلطة السياسية بالميزات الآتية:
أ – تعاطي الشؤون الزمنية باستلهام ضميرهم المسيحي، والجمع بين موجبات العمل السياسي والمبادئ الاخلاقية، ووحدة الحياة بالتناغم بين الروحي والانساني.
ب – روح الخدمة المتجردة والسخية، المتصدية للاغراءات والمناورات الخسيسة والكذب واختلاس اموال الدولة واستعمال اساليب غير شرعية وغير اخلاقية للوصول الى السلطة والاحتفاظ بها والتوسع فيها بأي ثمن.
ج – التحلي بالقيم الانجيلية والانسانية ولا سيما منها بساطة العيش، والتفاني في سبيل الخير العام، الحب التفضيلي للفقراء، وروح الغيرة والتضحية.
د – التزام قضية السلام وجعله ثمرة للعدالة ونتيجة لانماء الشخص والمجتمع، وتوطيده على اسس الحقيقة والمحبة والعدالة والحرية، مع نبذ العنف والارهاب وعسكرة السياسة.
هـ- المصالحة والغفران على كل من المستوى الروحي مع الذات ومع الله، والمستوى الاجتماعي بالتضامن والتفاهم ومساعدة الفقراء والمعوزين وتحقيق العدالة التوزيعية، والمستوى السياسي ببناء الوحدة الوطنية ودولة الحق الصالحة والعادلة والقادرة، والمستوى الوطني بابرام عقد اجتماعي ميثاقي يحصن العيش معا ويضمن مشاركة الجميع العادلة والمنصفة في ادارة شؤون البلاد.
و – تعزيز الديموقراطية القائمة على الشريعة الاخلاقية المتأصلة في طبيعة الشخص البشري، وعلى اخضاع المصالح الخاصة والفئوية للصالح العام، وعلى ممارسة واجب المساءلة تجاه المسؤولين المدنيين".
- وفي موضوع "لبنان الوطن والخصوصية"، شرحت الشرعة طريقة العمل السياسي، والدعوة الى "انهاض لبنان على اسس التمسك بقواعد الايمان بالله والوطن"، والى "واجب انهاض لبنان من كل الذين يتعاطون السياسة والشأن العام ان يتمسكوا بمبادئ الحوار وحل الخلافات في اطار المؤسسات الدستورية، رافضين الاحتكام الى اي شكل من اشكال العنف والصدامات المسلحة، ويعتمدون على الجيش وقوى الامن الداخلي دون سواهم للمحافظة على امن المواطنين والاستقرار. وعليهم ان يرتقوا بخطابهم السياسي الى مستوى المسؤولية الاخلاقية والوطنية الجامعة، مجنبين لبنان مساوئ تحويل الخلافات والنتائج الانتخابية الى ازمات سياسية على مستوى الوطن كله".
وتضيف الشرعة في هذا الباب:كذلك واجبات السلطة السياسية:
أ – اعتماد آليات للحؤول دون تعطيل عمل المؤسسات الدستورية الكفيلة وحدها توطيد الاستقرار السياسي والامني والاقتصادي، وتفعيل هذه المؤسسات، وتحسين كوادرها وتعزيز عمل المجالس والاجهزة الرقابية؛ وتحقيق الموازاة بين المسؤوليات العامة والصلاحيات، وتعميم المهل الدستورية والقانونية على كل مستويات القرار.
ب – العمل على تحييد لبنان عن الانجراف في سياسة المحاور الاقليمية والدولية، وعن التمحور في احلاف خارجية تخوض صراع مصالح ونفوذ على ارض لبنان وعلى حسابه. وجعل لبنان بلداً نموذجيا للحوار العالمي وملتزما قضايا السلام والعدالة وترقي الشعوب.
ج – تحقيق اللامركزية الادارية الموسعة واللاحصرية كأولوية قصوى، تخفيفا من حدة الصراع على السلطة المركزية وتعزيزا للانماء المتوازن.
د – تعزيز الحياة الاقتصادية والاجتماعية واصلاحها، بتطبيق المبادىء الاخلاقية الكفيلة الحدّ من الفساد والمضاربات والصفقات غير المشروعة (...)".
هـ – محاربة الفساد بارساء حكم القانون والسهر على تطبيقه دونما استثناء واستنساب، ويمنع التدخل السياسي في التعيينات الادارية. ومحاسبة الراشي والمرتشي.
و – الاهتمام بالطاقات الشبابية تثقيفا وتربية وتوظيفا في القطاعين العام والخاص. وتأمين فرص عمل لهم وفقا لاختصاصاتهم ومهاراتهم.
ز – تعزيز مساهمة المرأة في المسؤوليات العامة، بما لها من حقوق وطاقات وحضور وحسن مقاربة.
ح – الاهتمام باللبنانيين المنتشرين بتمتين الروابط الوطنية والروحية معهم، واعادة حقوقهم اليهم وبخاصة الجنسية لمن تحق له، والاستعانة بقدراتهم ومنحهم حق الاقتراع.ويقتضي انهاض لبنان ان تنشأ دولة مدنيّة ديموقراطية حديثة بالشروط التالية:
أ – التمييز الصريح بين الدين والدولة.
ب – ممارسة الديموقراطية ممارسة صحيحة، ونشر ثقافتها، تأمينا لتداول السلطة وتجديد النخب السياسية واستمرارية الاصلاح، ولتوفير مستلزمات الحياة الكريمة للجميع.
ج – التوفيق بين مقتضيات المواطنة والتنوع. فالمواطنة تقتضي المساواة في الحقوق والواجبات بين الجميع، والتنوع يستدعي المشاركة الفاعلة والمتوازنة من قبل الجميع.
د – وضع قانون عادل للانتخابات النيابية، يؤمن صحة التمثيل والمشاركة المتساوية، ويمكن المواطنين من مساءلة ممثليهم ومحاسبتهم".
وفي الشرعة ايضا شروط يجب ان تتوافر في المرشح أولها "ان يكون ولاؤه الاول والاخير للبنان، ومؤمنا، بالديموقراطية السليمة، ويتمتع بالخلقية، ويمارس التنافس الديموقراطي ويحترم ارادة الناخبين.
وختاماً: "ان الكنيسة في لبنان تنشر هذه الشرعة لتنوير العقول وايقاظ الضمائر وتنقية النفوس. آملة من الجميع في الأخذ بها لتصويب ممارسة السياسة. هذا الفن النبيل وهذه المسؤولية الخطيرة، بغية تنمية الشخص البشري وتطوير المجتمع".
Aucun commentaire :
Enregistrer un commentaire